الخطاب الذي تشبث به المغاربة بعد الأزمة الاولى مع فرنسا على اثر الحديثة التي كان « بطلها » الحموشي 

فرنسا المغرب العلاقات المغربية-الفرنسية عبد اللطيف الحموشي

كما تعلمون، فإن العلاقات المغربية-الفرنسية تمر، مند فترة قصيرة، بمرحلة حساسة وغير مسبوقة، إثر الأحداث والتطورات الخطيرة التي استهدفت بعض المسؤولين المغاربة السامين، ومن خلالهم مصالح الوطن وصورة مؤسساته أمام الرأي العام المغربي، الفرنسي والدولي على حد سواء.

ولعلكم تتذكرون أن المغرب، في رد فعله الرسمي أو الشعبي على ما حدث، التزم موقفا حازما وبناءا ومسؤولا على حد سواء. حيث لم يجد مناصا من اتخاذ إجراءات ملموسة وتفعيلها عمليا، من أجل تقييم شامل ودقيق لأسس تعاونه القضائي مع فرنسا، على ضوء الانزلاقات الخطيرة والاختلالات اللامسبوقة التي ظهرت للعلن في فبراير 2014 ؛ وهي الاختلالات والانزلاقات التي نعمل اليوم مع أصدقائنا الفرنسيين، على تجاوز أسبابها ومنع تكرارها مستقبلا، لما من شأنه تمتين أواصر الصداقة والشراكة بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية.

على قدر الحزم الذي تعامل به المغرب مع الاختلالات التي أفضت إلى هذه الوضعية، حرصنا على مواجهة تداعياتها برصانة ومسؤولية، عن طريق التعاون والحوار البناء مع الحكومة الفرنسية، وبمنطق متشبع بالمكانة الخاصة التي توليها المملكة لعلاقات الصداقة الاستثنائية والشراكة الاستراتيجية التي تربطها بالجمهورية الفرنسية.

تلك هي التوجيهات السامية التي أطر بها صاحب الجلالة عملنا، على إثر محادثاته الهاتفية مع الرئيس الفرنسي – حيث اتفق الطرفان على أن تتم معالجة الاشكالات المطروحة في إطار الحوار بين الحكومتين وعلى أساس روح الشراكة الاستثنائية بين البلدين.

في هذا السياق، ربطنا الاتصال مع المسؤولين الحكوميين الفرنسيين على أرفع المستويات، واضعين نصب أعيننا هدف التوصل إلى توافقات من شأنها تحصين العلاقات الثنائية وجعلها بمنئ عن مناورات الخصوم الذين يستهدفونها. كما عملنا على التوصل إلى حلول تضمن سلامة واستمرارية هذه العلاقات في طابعها المتميز، وذلك على أساس الاحترام المتبادل، الانخراط البناء في شراكات متنوعة والالتزام المشترك بالمحافظة على استثنائية هذه العلاقات.

إن المغرب من جانبه، بقدر ما هو حريص على قوة علاقاته التاريخية مع فرنسا، بقدر ما هو مصمم على النوء بها من كل المناورات التي تستهدفها باستمرار، لأغراض نعرفها ومن قبل أطراف يعرفون أنفسهم. وإذ نعبر على قناعتنا بأن الشراكة تستوجب الالتزام، ننتظر اليوم من السلطات الفرنسية أن تبرهن – من جانبها هي أيضا – على تشبثها بقوة العلاقات الثنائية مع المغرب وبطابعها الاستثنائي.

والحال أنه ما لم نتوصل إلى معالجة جذرية وشاملة وتوافقية للعوامل والاختلالات التي تسببت في هذه الوضعية، فإن الإشكال يبقى قائما ومطروحا بحدة.

المغرب#